مراحل حياة الإنسان ثلاثة، هي الحياة الدنيا، والحياة الآخرة والحياة بينهما وهي التي تسمى حياة البرزخ فماذا تعرف عن حياة البرزخ؟
حياة البرزخ يحددها عمل الإنسان فمن كان عمله صالحاً في الحياة الدنيا كانت حياته نعيماً في البرزخ، ومن كان عمله سيئاً في الحياة الدنيا ناله نصيب من العذاب في البرزخ.
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ الميت إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه تعاد روحه في جسده ويسمع قرع نعالهم فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فأمّا المؤمن فيجيب بقوله ربي الله وديني الإسلام، والرجل المبعوث فينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول الملكان انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً في الجنة فيراهما جميعاً، وأمّا المنافق والكافر فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت ولا تليت ثم يصيبه ما قدر له من العذاب. [1]
ما هي حياة البرزخ:
البرزخ لغة هو الحاجز بين الشيئين، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الرحمن يصف إعجاز الخالق في الحاجز بين البحرين المالح والعذب: )مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان(.[2]
ويُطلق البرزخ على الحياة التي تلي موت الإنسان وهي الحياة التي بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وعرّفه العلماء بأنّه الحاجز بين الموت والبعث فالإنسان الذي يموت ينتقل إلى حياة البرزخ.
وفي هذه الحياة يتم سؤال الميت في القبر، لذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دفن ميتاً قال لأصحابه "استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل"[3]
وفي القبر يكون العذاب أو النعيم ويدل على ذلك كتاب الله عز وجل وسنّة نبيه فيقول الله عز وجل في كتابه الكريم: )وإنّ للذين ظلموا عذاباً دون ذلك( وقد فسّر بعض العلماء أنّ المراد بهذه الآية هو العذاب في حياة البرزخ.
وقوله تعالى واصفاً حال الشهداء بعد موتهم: )ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون([4]
وفي السنّة النبوية أحاديث كثيرة تدل على النعيم والعذاب في القبر قبل الخلود في الجنة أو النار حيث ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على قبرين فقال أما إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله..."[5]
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار"[6]
ويكمن الاختلاف بين الحياة البرزخية عن الحياة الدنيوية أو الأخروية في أنّ الروح تتعلق بالبدن حتى وإن فارقته عند موتها فإنّها لا تفارقه دائماً بل يردها الله عز وجل في بعض الأوقات وقت سؤال الملكين في القبر أو تسليم الزائر له فالميت في قبره يعرف من يزوره من الأحياء ويسر لزيارتهم وسماعهم لخطابهم، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم في كتابه الروح أنّ السلف مجمعون على أنّ الميت في قبره يعرف زيارة الحي له ويستبشر به.
ما هي الأعمال التي تنفع الميت في حياة البرزخ؟
يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث متفق عليه: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته قبل موته علماً علمه ونشره وولد صالح يدعو له ومصحف ورّثه ومسجداً بناه وبيتاً لابن السبيل بناه ونهراً أجراه وصدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته "كذلك مما ينفع الميت في حياته البرزخية قضاء الدين عنه والدعاء له وقراءة القرآن على روحه وإخراج الصدقات الجارية وأداء العمرة والحج عنه.
[1] صحيح مسلم حديث رقم 2870 باب عرض مقعد الميت من الجنة والنار.
[2] سورة الرحمن الآية 19-20
[3] رواه أبو داود في سننه حديث رقم 3221 باب الاستغفار
[4] سورة البقرة آية 154
[5] رواه البخاري باب الكبائر حديث رقم 213
[6] رواه الترمذي.